تزيد التطورات التقنية في مجالي الاتصالات والمعلومات من عدد الوسائل والمصادر المعلوماتية والإخبارية المتاحة في الفضاء الاتصالي والإعلامي، وتذوب معها الفواصل والحدود الجغرافية بين الدول والثقافات، وتتعزز مواطن التأثير والتأثر بين الدول، حيث تتقاطع العلاقات والمصالح على المستويين الإقليمي والعالمي، كما تتنامى قوى تأثير المنظمات والجهود الإعلامية والاتصالية الدولية. وقد أفضت هذه التطورات والتغيرات المتلاحقة إلى ساحة إعلامية واتصالية جديدة، ترتفع فيها المناداة بقيم العلنية وحرية المعلومات، ولم يعد هناك مكان للراغبين في الابتعاد عن الإعلام والاتصال، فالوسائل والقنوات والمنصات الاتصالية أضحت من الكثرة التي يستحيل معها تبني سياسة انكار الأمر الراهن.
وقد عززت هذه الحقائق من مكانة وأهمية الاتصال والتواصل كأحد أهم المعطيات والعناصر الأساسية للتخطيط الاستراتيجي. وأصبح تحقيق الرؤية والوصول إلى الأهداف مرهوناً بالرغبة والقدرة على استثمار وسائل الإعلام، وفتح منافذ للاتصال والتواصل مع المعنيين بالرسالة بكافة شرائحهم ومنطلقات اهتمامهم على المستويات الدولية. من هنا، تأتي أهميّة العمل في مجال الإعلام والاتصال بشكل عام، والدولي منه، بشكل خاص، لمنح المعنيين بالإعلام والاتصال الدولي وقتا كافيا، وبيئة مواتية للاتفاق على ما يراد تحقيقه إعلاميا واتصاليا، وبما يعزز من القدرة على التخطيط وتفادي الارتباك في اللحظات الأخيرة والأوقات الحرجة، ويقود إلى معرفة استباقيّة بمصادر المخاطر والأزمات المحتملة والتخطيط لكيفيّة التعامل معها إعلاميا واتصاليا. كما أن الاستراتيجية تتيح الفرصة للاستفادة من الوسائل والقنوات المتاحة، والاتفاق على توزيع المسؤوليات، وتحديد الموارد المطلوبة والعمل على توفيرها.

فالدول الراغبة في عمل إعلامي واتصالي دولي فعال، تراعي في خططها الاستراتيجية للإعلام والاتصال قيام جهدها الإعلامي والاتصالي على مرتكزات كثيرة، من أبرزها مرتكزات أربعة، هي: صناع القرار، والمجتمع الدولي بفئاته المستهدفة المختلفة، والبيئة الإعلامية والاتصالية موضوع التداخل، والشركاء المتوقع منهم دعم وتعزيز العمل الإعلامي والاتصالي المستهدف. عندها يمكن تأكيد أن يكون العمل الإعلامي الاتصالي على المسرح الدولي مؤثرا وفعالا بحول الله تعالى.
Comments